jeudi 30 octobre 2014

تمهل يا قطار

ها أنا أركب مرة أخرى القطار
فلطالما باحت لي الحياة فيه بأسرار
سأضع رأسي على النافذة لأسهو و لا أتيقظ حتى لو كان هناك إعصار
لاحت في المشهد فتاة دون سابق إنذار
جلست بجانبي, فلا يوجد مكان آخر خال تلوذ إليه مني بالفرار
جذبتني رائحة عطرها, فلمحتها لأجد أنها أجمل من كل الأزهار
ها قد بدأت تلمس في شعرها, تارة من يمين و تارة من يسار
و قلبي مع كل لمسة من شدة شوقه إليها ينهار
من أين لك هذا الجمال الجبار
فالعقل من جنونه بك طار
لاحظ أحدهم تركيزي معها فاستغرب و حار
لك الحق, فإني أرى قمرك في كل ليلة مع النجوم يبعث أنوار
و قمري غاب طيلة هذه السنين عن الأنظار
إلى متى سيستمر هذا الانتظار
فها قد أصبح قلبها لقلبي جار
فلم يضع اللسان بيني و بينها جدار
و في قلبي كلام كثير قد دق ناقوس إنذار
فهل أخبرها أنها تروقني و أترك لها القرار
أم أصمت فتكون لي بذلك وصمة عار
فهي الآن بجانبي أي لا أملك لكتماني أعذار
إذن, أرجوك تمهل يا قطار
أعطني فرصة ترتيب كلامي الذي لا أعلم أين صار
و دعني أخبرها أني أتمنى أن يصبح حضنها لي مكانا قار
و اتركني أقول لها أن كل حرف كتبته قبلها إليها قد أشار
فلا تكمل يا قطار المسار
إلا حين تعلم أنه لو وضعوها مع غيرها و قالوا لي اختار
ما كنت لأحتار

ورقتي

تساءلت! لمن أَنْظُمُ شعري و أبياتي
فاخترت أن أكتب لمن يَخُطُّ فوقها القلم كلماتي
و من تكون غيرك يا ورقتي
فلطالما كنت وسيلة و في هذه اللحظة أصبحت غايتي
كلما كان الواقع مرا وجدت فيك بيتي
لم أدعوك يوما لمجالستي في وحدتي فأبيتِ
و لم تهجريني و لا أعذار لذلك اختلقتِ
فكلما شِئْتُ مكالمتك شِئْتِ
شكوت لكِ همومي مرارا و لا مرة ضجرتِ
بُحْتُ لك بأسرار لم أَبُحْ بها لغيرك أنتِ
لأني لا أعرف من يكتمها كما كتمتِ
أصيلة كما عرفتك و كما كنتِ
فأنت لم تُعَيِّرِينِي مرة برداءة أسلوب و لا بسوء خطي
و لم تتهكمي و لا لعبارة  سخرية مني قلتِ
إذا رأيتكِ و القلم ليس في يدي ناديته فورا أن يأتي
أعدك أنه لن يبعدني شيء عنك إلا موتي

لماذا؟

وجدته شاحب الوجه و الدموع من عينيه تسيل
فَلَمَّا رآني بدا كأنه لسرد قصته لي يميل
قال لي: قد اتخذت طيلة هذه السنين هدفا جليل
هدف أصبح أمل تحقيقه اليوم جد ضئيل
لقد كان وسط كل كوابيس حياتي حلما جميل
فكنت  مستعدا أن أردى في سبيل تحقيقه قتيل
فهو عزة أصبحت من دونها ذليل
و هو دواء صرت بعد فقدانه عليل
حاولت أن أقنعني بأنه لا زال هناك أمل لكن ليس عندي دليل
حاولت أن أقف مرة أخرى لكن الحِمْلَ أصبح ثقيل
أ معقول أن أفشل و كم كنت في العمل أطيل
أ معقول أن أحزن مرة أخرى و أنا الذي لم أشرب من كأس السعادة إلا القليل
لماذا أجبر دائما أن أنحت في الصخر حتى أجد السبيل؟
و طريق غيري مفروش بالورود أكاد أسمع فيه لِلْحَمَامِ هديل
كل هذا كان لنار الغضب التي بذاخلي فتيل
نار أضحت قادرة أن تجعل الجليد يسيل
و أن تدفع كل لحظة سعادة عشتها لتعلن من ذاكرتي الرحيل
إذا كانت هذه هي مكافأتي فإني من محاولة تحقيق هذا الحلم أستقيل
يا ليت هذا اليوم ينتهي بسرعة فإنه صار كئيبا، مملا و طويل
فقلت: احترس من كلامك فإنه قد يقودك إلى الهلاك
جميل أن تحقق هذا الحلم أو ذاك
لكن الأجمل أن ترضى بما الله أعطاك
إن طريقك للنجاح أوله إدراك
إدراك للهدف الأسمى الذي من أجله الله سواك
فهل تضرعت إليه داعيا أم أن الشيطان أغواك؟
و هل سهرت على طاعته أم أن انشغالك أنساك؟
عد إليه و اشكره على كل النعم التي أهداك
و اشْكُ له داءك يعطيك بإذنه دواك
و اعلم أن رزقك مقسوم لن ياخذه أحد سواك
ثق بكلامي و إياك أن تشك به لِوَهْلَةٍ إياك
فقال لي: عجيب أمرك، إني في قمة الحكمة أراك
ففي أزمتي لك كلام و في أزمتك بكلام آخر ألقاك

حنين

جلست وحيدا أتأمل ذكريات السنين
فهزني الشوق إلى أبعد مما تتخيلين
فأتيت إليك لألامس شعرك و لألمح ثغرك و أنت تبتسمين
و أتيت إليك لأشتكي لك منك غيابك عني لسنين
لقد جئت إليك ليحتوي حضنك الدافئ دقات قلبي الحزين
و قد جئت إليك لتطفئي نيران الشوق و الحنين
فهل تحنين لأيامنا الخوالي في هذا الحين
أم أنك بحياة من دوني تحلمين
و هل أنت الآن شاردة الذهن، مثلي، و في تفكرين
أم أن ليلك لغيري تسهرين
لقد ظنني الناس حرا و أنا في حبك سجين
و ظنني الناس مرتاحا و أنا من جرح بعدك أنين
من بعدك صار القلب ضرير
فأنت من كنت تنيرين له المسير
و لما غبت عنه أصبح لظلمة الليل أسير
فإن ناديتني سآتي إليك ماشيا، زاحفا أو أطير
لأني اشتقت لعينيك، لحنانك و لشعرك الحرير
فالحياة من دونك كزهرة بلا عبير
من دونك يصير الأمير كالفقير
و بحضرتك يصبح الفقير أمير

لك الحق يا مصر أن تبكي

لكِ الحق يا مصر أن تبكِي و تعلني الحداد
على من قُتِلَ في أرضك من العباد
على عدل اختفى و بعده الظلم ساد
لكِ الحق أن تبكِي تاريخك الأخاذ
تاريخ سطَّره لكِ الأجداد
حيث اتخذوا من دمهم مداد
لقد كانوا في الثقافة و الفن رواد
فصنعوا لكِ في السلم و الحرب أمجاد
حتى صرتِ لقضيتنا عماد
غير أني أرى ماضيك في وادٍ و حاضرك في واد
انكسارُكِ بادٍ و معاناتكِ مع مرور الوقت تزداد
يبدو أن إرث الأجداد
صار لعبة في يد الأحفاد
فهم لا يُتقنون سوى تخريب البلاد
لتصبحي ضحية للفتنة و الفساد
عَهِدْتُكِ بلد تعايش لا بلد عنف و أحقاد
و عَهِدْتُ شعبك كتلة واحدة لا طوائف و أفراد
فَلِمَ أصبحت أمّاً على إهدار دم أبنائها تعتاد
كفاكِ يا مصر بكاء فالدمع أوشك على النفاذ
فحتى لو كان حاضرك مصدر سعادة للحساد
و مهما شَابَ مستقبلك سواد
فإنه لكِ مع القمة ميعاد
إني أرى نَهْضَتَكِ ناراً تحت رماد
و إني لأرى نَهْضَتَكِ نبتة ستُسقى بذورها بدم فَلَذَاتِ الأكباد
مخطئ من يقول أن مصر تحتضر تحت الأنقاض
لأنك عائدة إلى مجدك أكاد أجزم أكاد

مأساة

حط الظلام على كل نقطة ضوء في هذه الحياة
فحولها إلى شيء بئيس، بل إلى مأساة
فطموحي لم يجد شيئا عليه يقتات
لا شيئا عظيما و لا حتى الفتات
لتعلن إرادتي مبكرا الوفاة
و يتيه الأمل في زحمة الأزمات
و يرفض التوفيق الاستيقاظ ليظل بذلك في سبات
حالي صار أسوأ من حال الأموات
فهم ماتوا مرة و أنا في كل يوم أموت مرات
ربي إن رحمتك مطر و ما أريد تحقيقه نبات
فهب لي يا رب خبرا يمثل لي قارب نجاة
يكون نهاية مشرفة لما هو فات
و بداية مبشرة لما هو آت
و من كثرة الفرح به تذرف العين على الخذ عبرات

صرخة من الصومال

فرحنا كثيرا بحلولك يا رمضان
يا شهر الرحمة و الغفران
أنت الشهر الذي أنزل فيه القرآن
مر اليوم الأول منك سريعا و ها أنا أسمع صوت الآذان
هرولت نحو مائدة الفطور التي بأحلى المأكولات تزدان
اتصل بي فجأة صومالي فقال:
إني أريد أن أنقل لك آخر صرخات شعب الصومال
اننا نعاني أكثر من كل الأزمان
لقد أخذ الجوع ينهش في لحمنا و في الأبدان
لا نتناول سحورا و لا فطورا بعد سماع الآذان
لقد صرنا مجرد بقايا إنسان
كيف لا و نحن نعاني في أبسط حقوقنا من الحرمان
اتصلت لأقول لك أنكم أدرتم ظهوركم عن شعب الصومال الجوعان
ألا تجمعنا العروبة و العقيدة و القرآن
فكيف تبعثر دول عربية المال في كل الأركان
و نحن نموت من الجوع و الحرمان
لا أدر أين تسكن الكلمات التي أصف لك بها حال الصومال الآن
فقلت:أريد أن أقول لك كلمات كانت ضحية للكتمان
إن معاناتكم هي ابتلاء من عند الرحمن
إن الجوع مهما نهش فيكم الآن
إلا أن قيمة الإنسان تظل في الروح لا في الأبدان
لو كان الأمر بيد لرسمت لوحة تحمل من الرجولة و الشهامة عنوان
لكنت أرسلت لكم من المعونات أطنان
ألم تر أن مداد قلمي بدأ يسيل بعدما كان جافا قبل الآن
غضب الصومالي من كلامي فقال:عذرا لقد أخطأت في العنوان
فأقفل الهاتف دون استئذان
ليتك أقفلت الهاتف قبل الآن
يا ليتك أقفلت الهاتف قبل أن توقظ الجراح و الأحزان
حاولت بعد ذلك أن أنام قصد النسيان
فلما نمت صحا ضميري فقال:إن الجرح غائر هيهات تنساه مهما طال الزمان...

نظرة عين

يوم رأيتك ذاك المساء
سمعت صوت رنين قدميك منتشرا في كل الأنحاء
ومن حلاوة هذا الصوت حَسِبْتُنِي في روضة غناء
رفعت عيني فلمحت وجهك الفاتن الذي أَثَّثَ الفضاء
فَأَرْسَلَتْ عيناك رصاصة على القلب عانى بعدها من أحلى داء
من يومها صِرْت كعطشان في صحراء
وأنتِ صِرْتِ بالنسبة له كبركة ماء
لقد كانت نظرة عينيك عاصفة هوجاء
عصفت بالقلب والعقل على حد سواء
ظننت أني مع مرور الوقت سأنساك لكن كلما مر يوم الوضع ساء
ففي القلب شوق وفي العين سؤال
ألست أنت من رسم القلب ملامحها في الخيال ؟
أولست أنت من سهر العقل في تحديد مواصفات لها ليال طوال ؟
لقد طلب العقل والقلب أن تكوني ذات أخلاق وفكر وجمال
فشرعت في البحث عنك وأنا مُزَوَّد بالآمال
لقد كنت مستعدا للمشي أميال
ومستعدا لصعود الجبال
ولخوض المعارك والأهوال
فشلت مرارا في إيجادك يا من شغلت البال
مما أدى إلى أنَّ دمع القلب سال
فتبادر إلى الذهن سؤال
لماذا آل الوضع إلى هذا المآل ؟
وإلى متى سيتسمر على هذا الحال ؟
إلى أن رأيتك فوجدت إجابة لكل سؤال
فعلمت أن العقل أخطأ حينما قال
أن متطلبات القلب امرأة ذات أخلاق وفكر وجمال
فذلك على إهانة المرأة دال
فهي ليست سلعة تُحَدَّدُ لها صفات لِتُنَالَ في الحال
فالأمر أبسط من كل تلك الأقوال
فبنظرة عين منك أدركت أن العيش من دونك محال